شات بين النفس و الذات

عزيزتي نفسي

لا أصدق ما حدث!! لا أصدق أنني استطعت في هذا العام السابق أن أضبطك و أحد من نزواتك و رغبتك الدائمة في أن تمضي الوقت لهواً و كسلاً.. لقد فزت عليك هذه المرة.. لقد حصلت على 99 و نصف بالمائة في الثانوية العامة.. لقد فعلت ذلك من أجلنا.. من أجل مستقبلنا!! اسعدي ايتها النفس فأنا سألتحق بكلية الطب و سنصبح نحن معا أطباء.. لنا وضعنا المالي و الإجتماعي الخاص.. و سيتيح لك ذلك يا نفسي أن تشعري بالعلو و التميز بين الناس كما تحبين.. و هل من نفس بشرية لا تحب ذلك؟ فاليوم نحن سعداء بنصرنا معا.. و سنمشي معا في الشارع ننظر على من حولنا متواضعين بينهم في الظاهر.. و لكننا نتفاخر و نتعالى بيني و بينك و نحن ننظر للوجوه العامة و نحن نعلم ان الله قد وفقنا أن نصل من الدرجات العلمية إلى ما لا يدركه هؤلاء البسطاء..

عزيزتي نفسي.. مرحى لنا!

توقيع: الذات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عزيزي الذات

كم أسعدتني برسالتك هذه.. أصبحت تعرفني جيدا.. و تعرف ما يدغدغ كبريائي و يشحن غروري.. و يجعلني أشعر أنني أفضل ممن حولي و أني قد فضلني الله عليهم! و لكني أيتها الذات أراك تركض وراء الرياء بالمال و المنصب دون النظر إلى القيمة العلمية التي نسعى ورائها! فإني أخشى أن يكون كل ما نفعله من جهد و دراسة غير مأجور عند الله لعدم صفاء نيتنا فيه.. فمالي لا أشعر بأنني أفعل ذلك لإرضاء الله و أني قد أمضيت السنين السابقة في طلب مكانتي بين الناس و إرضاءً لغروري؟

عزيزي ذاتي.. كم أنا حائر!

توقيع: النفس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عزيزتي نفسي

كم هزتني رسالتك السابقة!! لطالما أقنعت ذاتي أنني أدرس لأعمل الخير الذي يرضى به الله عنا.. و لكني نسيت.. أو تناسيت.. أن أسأل ذاتي ان كان هذا العمل لوجهه خالصا أم أنني أريد أيضا أن ينبهر من حولي بي و بشأني الرفيع.. و إني قد وجدت في أعماقي ما يريد – و بشدة – أن يحظى بالمكانة و الشأن الرفيع بين الآخرين.. يا حسرتي.. أيعني ذلك أن نيتي قد فسدت؟ و أن كل ما فعلناه في السنوات السابقة ليس عند الله إلا هباء منثورا؟

عزيزتي نفسي.. أخبريني ماذا ترين!!؟

توقيع: الذات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عزيزي ذاتي

أنا لا أدري..

و لكننا لطالما أحببنا أن نستكشف خبايا العلوم و نستدركها سوياً.. أحببنا العلم لأجل العلم.. أحببناه لأنه الطريقة التي نفهم بها مراد الله في هذا الكون.. و نرى من خلالها يد الله.. تصنع و تسوغ.. فإذا أخذ ويليام شيكسبير يستنشق زهرة برية.. و استنشق معها المعنى أيضا.. لوجد في عطرها ما يفوح في عقله من الأدب و الكلام و السطور و البيوت.. و أما إذا أخذ ألبرت أينشتاين هذه الزهرة.. و استنشق ريحها.. و استنشق معه المعنى أيضا.. أنا أزعم أنه سيرى فيها شمساً.. و قمراً.. و مجرات.. و كواكب.. و مطرأً.. و رعداً.. و لولا كل ما سبق.. ما نبتت تلك الزهرة.. تلك ذاكرة الزهرة.. لو كان للزهرة ذاكرة لعادت بك إلى بداية ال”بيج بانج”.. و الرياضي يركض و يرى إبداع الله في جسده.. يرى إبداع الله في حدود نفسه و ضعفها و رقتها قبل أن يراها في فحولته و نقات قوته.. , لا يمنع حب شيكسبير للأدب.. و لا عشق أينشتاين للعلوم.. و لا انشغال الرياضي بالفوز بالميداليات.. أن كل منهم قد يرى الله في نفسه.. و بالطريقة التي خصصها الله له..

فما أوسع ربنا و ما أوسع معانيه.. وسع كل شيء.. فيجده الرياضي في نفسه كما يجده العالم في علمه و الشاعر في أدبه و العازف في أنين لحنه الحزين.. الذي يحن به لتلك اللحظة التي سنلقى فيها ربنا من جديد..

فالجذع يحن لأصله.. و نحن ننتمي لخالقنا..

توقيع: النفس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عزيزتي نفسي

لقد أذرفت الدمع من عيني.. كم أشتاق أن يكون عملنا خالصا لله.. و لكني أعيش الآن في الدنيا.. و كم يصعب علي ألغي أهدافي في هذه الدنيا من أعمالي فيها.. عزيزتي نفسي.. أنا لا أعلم اذا كان الله سيتقبل منا ما نفعله.. و لكني أتمنى ذلك بشدة..! عزيزتي نفسي.. من كان يريد العزة فلله العزة جميعا.. علم الله أن مبتغى العزة و المكانة هدف أصيل قديم فينا نحن البشر.. و علم الله أننا سنبحث عن العزة.. و لكنه يريدنا أن نبحث عنده و لديه.. عزيزتي نفسي.. ربما صدق النية ليس شيئاً أبيضاً أو أسود.. ربما كانت النية من الأشياء التي يجب علينا العمل عليها و ضبطها كل يوم و ليلة.. ربما كمال النية لا يحقق بتلك السهولة.. ربما يوفقنا الله لصدق النية.. عندما يرانا نصدق في نيتنا أننا نريد أن نصدق النية..!

..

عزيزتي نفسي.. لقد أصابني نقاشنا هذا بالجوع.. ماذا يوجد لدينا في الثلاجة الليلة؟؟

توقيع: الذات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر

تشبيه الزهرة البرية – د. عدنان إبراهيم – من خطبة : الإيمان الحي و مفهوم الشكر

Leave a Comment